كنت أجري مقابلات شخصية للتوظيف، وأبادر المتقدمين ببعض الأسئلة التقليدية ومنها سؤالهم عن قدراتهم في التعامل مع الحاسب الآلي، فكان معظمهم يجزم بقدرته على التعامل مع الحاسوب، ثم أسأل إن كانوا اجتازوا دورات أو يحملون شهادة في تعلم الحاسب فيجيب معظمهم بلا، وإنما كان تعلمهم للحاسوب ذاتي، فبالممارسة والمحاولة يتعلم الإنسان .
ثم تأملت في سبب ذلك فوجدت أن الحاسب يتيح لنا الممارسة والتطبيق، ويسمح لنا بالخطأ دون توبيخ أو تقريع، و يمنحنا الإعادة والتراجع عند حدوث زلل، والإعادة والتراجع عند وقوع خلل، والإعادة والتراجع عندما نصل إلى ما لا نريد، مما يهبنا الاطمئنان ويشعرنا بالأمان لكي نبادر ونعمل.. ونكتب ونجرب.. دون توتر، ودون شعور بالذنب عند التعثر
ثقافة الخطأ
ما أجمل أن نشيع ثقافة المحاولة والخطأ داخل أسرنا ومدارسنا وأعمالنا، وأن نوضح لهم خطوط الرجعة ومعالم العودة، فلا تعلم بلا خطأ، ولا تربية بلا توجيه، ولا إبداع بلا تجربة، لن نتقن المهارات بدون المحاولات، ولن نجرؤ على المحاولة ما لم يكن هناك خط للرجعة.
ما أجمل أن نستخدم زر التراجع في تصرفاتنا وأخطائنا لنحاول مرة أخرى تلو أخرى، فنصلح ما يمكن إصلاحه ونعيد تنسيق ما تم تنسيقه، أيها المدخن اضغط زر التراجع وابدأ من جديد.. أيها المتهاون اضغط زر التراجع واستفد مما تعلمت.. أيتها المذنبة اضغطي زر التراجع وتلذذي بعفو الله ورحمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم" رواه مسلم
هذه ليست دعوة لارتكاب المعاصي أو رسالة للتقليل من شأن الذنوب، ولكنها إشارة بل بشارة إلى كل مسلم مذنب أن الكمال عزيز في الأرض، والعصمة رفعت إلى السماء، وأنك خطّاء وخير الخطائين التوابون، فلا تيأس إذا أذنبت بل اضغط زر التراجع وحاول من جديد ..