شباب الحدين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب الحدين

منتديات شباب الحدين


    الغيرة.. فتيل يشعل شجار الأشقاء

    avatar
    مسلمة وكلى فخر


    عدد المساهمات : 41
    تاريخ التسجيل : 26/09/2009
    العمر : 35

    الغيرة.. فتيل يشعل شجار الأشقاء Empty الغيرة.. فتيل يشعل شجار الأشقاء

    مُساهمة من طرف مسلمة وكلى فخر الأربعاء سبتمبر 30, 2009 8:31 am

    الغيرة.. فتيل يشعل شجار الأشقاء


    تكمن المشكلة في أن ابنتي سلمى (4 سنوات) دائمة الشجار مع أخيها، ويصل في بعض الأحيان إلى العراك بالأيدي مما يسبب لي الضيق الشديد؛ فأنا أكره ذلك.
    ومما يحيرني أنها تبدأ المعارك في حين أن أخاها يسعى في أغلب الأوقات إلى مساعدتها.

    الحل:
    الأخت الكريمة، كم سعدنا عندما وصلتنا استشارتك بتفاصيل أكبر كنا قد طلبناها منك عندما أرسلت لنا في المرة السابقة، وأرجو أن تبتعدي قليلاً عن مشاحنات سلمى وأخيها، وتحاولي أن تصفّي ذهنك منها حتى تسمعي ما سأقوله لك.
    إن عِراكَ ابنتك مع أخيها وعدوانها عليه، هو حلقة من حلقات مسلسل الغيرة الدائر في كل بيت ينعم بهؤلاء الصغار قرة الأعين، فسلمى الكبيرة تشعر بأن أخاها جاء منافسًا على غير رغبتها، في وقت يبدو أنها لم تكن مستعدة فيه لاستقباله ولم يتم تهيئتها جيدًا للتعامل مع هذا المستعمر الجديد لعرشها كما تراه، جاء لينزلها من على عرشها (قلبك) ويخلعها من مملكتها (حضنك).

    وعراكها المستمر معه ما هو إلا معركة لاستعادة ذلك الملك والعرش المستلب، الذي ما زالت تتصور منذ مولدها أنه لها وحدها، وتلك المعارك الجانبية ما هي إلا صورة من صور رفض هذا الواقع.

    ولن نتطرق إلى الرفض معك اعترافًا به، ولكن إلى منع آثار هذا الرفض المتمثل في السلوكيات المرتبطة به.

    بداية، لا لمواجهة الأمر بالضرب أو التوبيخ أو النقد الشديد، بل لا بد من مواجهة الأمر بهدوء شديد، فيه تفهّم ومراعاة لاحتياجاتها النفسية.

    وعليك ملاحظة سلوك طفليك داخل البيت وخارجه، وستلاحظين، أن معاركهما وخصوصًا عدوان سلمى يكون على أشده في البيت، أما خارجه فلا، والسبب أن بيئة البيت تذكرها بلحظات امتلاكها لك ولوالدها عندما كانت ملكة متوجّة على عرشها، مملكة لها وحدها قبل مجيء أخيها أو ذاك المستعمر الذي يجب إجلاؤه.

    أما خارج البيت فهي بعيدة عن الشواهد الزمانية والمكانية التي يمكن أن تذكرها بأيامها الخوالي في امتلاككما بلا منازع، إضافة إلى أنه في خارج البيت تنشغل هي وأخوها بأشياء كثيرة تشتّت اهتمامها ويخرطها في أحاسيس جميلة تغذيها تتمثل في اهتمام الآخرين بها (الأعمام، الأخوال، الأصدقاء…) ممن تكونون بصحبتهم.

    وهنا يحضرني مشهد الأطفال في بيئة الريف المصرية، فإن مشكلة الغيرة لا تكاد تواجههم أو تصليهم بنارها، فمنذ ميلاد الطفل ينخرط في جملة من اهتمامات مَن حوله، تلك الاهتمامات التي لا تفتر أو يخبو شعاعها أبدًا من اهتمامات (الأخوال، الأعمام…)، وهو ما كنا نراه في الماضي في الأسر الممتدة في عالمنا العربي، وأصبحنا نفتقده لظروف العمل والحياة العصرية، فيولد الطفل ليجد نفسه إمبراطورًا على عرش لن يدوم له، يمنحه بكل قوة، ويُنزع منه بقوة أكبر.

    ويمكن أن نستغل الفكرة نفسها (فكرة تشتيت) الاهتمامات وتوسيع دائرتها كالتالي:

    - حاولي اصطحابها معك خارج البيت كلما أمكن ذلك؛ حتى تبعديها عن الجو الذي يثير غيرتها كما أوضحت لك من قبل، مرة تخصينها بالاصطحاب، ومرة مع أخيها لتشارك شراء احتياجات البيت وزيارة الأهل.. مع تنظيم رحلات خلوية في المنتزهات، والأماكن التي تسمح لهم بالانطلاق كلما أمكن ذلك.

    - إذا فاجأتها أحد نوبات الغضب والعدوان واجهي الأمر بهدوء شديد، فإذا كنا نحن الكبار قد أمرنا أن نواجه الغضب بتغيير وضعنا (فإذا كنا جالسين وقفنا، وإذا كنا واقفين جلسنا…)، كما علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نفعل بأنفسنا، فلماذا لا نساعد أبناءنا طالما أنهم لا يستطيعون ذلك بأنفسهم، فعندما تغضب حاولي شغلها عن الحدث الذي أثار غضبها، وألهيها بشيء آخر، مثلاً قولي لها تعالَي ساعدي ماما.. ماما ستُعدّ فطيرة جميلة من سيساعدها، من سيرسم معي، تعالَي لنغيّر للعروسة فستانها...إلخ.

    وعلى الأب دور هام في معالجة هذا الأمر باعتباره يمثل (الضمير)، والواضع للضوابط ورمز الشريعة، فيحدثها بأسلوب هادئ عن نعمة الأخوة، وأننا أتينا به لأجلك؛ لأننا وجدناك وحيدة وليس هناك من يلعب معك، هل كنت تحبين أن تكوني بمفردك، فكّري، من سيلعب معك؟ من سيسابقك؟.. ومن ومن..؟ ويذكر لها كل الأنشطة والأشياء الجميلة التي يشاركها، فتحب أخاها بل وتحرص أن يشاركها إياها... وهكذا.

    ونذكّرك بالدعاء والتسلح به، وألا يفتر لسانك عن قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

    ونهمس في أذنك: تحلي بالصبر والهدوء، واستعيني عليهما بالصلاة، فإن ما تشتكين منه على إزعاجه لهو أمر سهل وميسور، تختفي حدته مع الزمن بإذن الله، إذا تمت معالجته بتفهم ومراعاة لاحتياجات أبنائنا النفسية، واحتمال لتوابع هذا التفهم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة سبتمبر 20, 2024 6:38 pm